أطلقت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية "برنامج ثقة" لدعم مقدمي الرعاية الصحية المتأثرين بوقوع حدث طبي جسيم غير متوقع للمريض، وهو برنامج يهدف إلى تقديم الدعم المعنوي والنفسي لهذه الفئة كونهم يمثلون "الضحية الثانية"، وذلك في إطار استراتيجية المؤسسة لتعزيز جودة الحياة في بيئة العمل وتسليط الضوء على محور تعزيز الصحة النفسية والذهنية، ونشر ثقافة تمكين الموظفين من تحقيق التطور الفكري والبدني والنفسي.
ويسعى برنامج "ثقة" الذي تم وضعه اعتماداً على أفضل الممارسات العالمية القائمة على الأدلة العلمية، لتعزيز حقوق مقدمي الرعاية الصحية في هذه الحالة، من خلال 5 قيم وركائز أساسية وهي، (العدالة) و(الاحترام)، و(التفهم والتعاطف)، و(الرعاية الداعمة)، و(الشفافية).
واعتمدت المؤسسة لجنة مركزية لمتابعة وتنفيذ البرنامج مع الأخذ بعين الاعتبار دعم ثقافة سلامة المرضى كجزءٍ أساسي لتنفيذ البرنامج، من خلال وضع السياسات والإجراءات والتعليمات الداعمة، ووضع برنامج تدريبي لمنسقي البرنامج في المستشفيات، بالتزامن مع تحديد الموارد والأدوات لدعم مقدمي الرعاية عند حصول حدث جسيم للمريض، والتوعية حول مفهوم الضحية الثانية، والعمل مع جميع الجهات المعنية لدعم البرنامج وتطويره.
أولوية الصحة النفسية للكادر
وأكد سعادة الدكتور يوسف محمد السركال مدير عام مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية أن الهدف من برنامج "ثقة" هو الاهتمام بالصحة النفسية للكادر الصحي وتوفير البرامج الداعمة وتدريبهم على إدارة الإجهاد والتكيف والتواصل الداعم، مشيراً سعادته إلى أن المحافظة على صحتهم النفسية من أولويات المؤسسة تقديراً للجهود الاستثنائية التي يقدموها، وتجسيداً لتوجيهات القيادة الحكيمة بأهمية ودور خط الدفاع الأول وتضحياتهم في حماية صحة مجتمع الإمارات.
وأضاف سعادة السركال: "نحرص على اتخاذ كافة التدابير لتقديم الدعم النفسي من خلال مراجعة احتياجاتهم وعقد الورش الدورية لمساعدة الكادر الطبي في الخط الأمامي على التعامل مع التحديات النفسية، ويهدف البرنامج إلى تعزيز ثقافة سلامة المرضى من خلال توفير بيئة يشعر فيها العاملين في منشآتنا الصحية بالدعم للقيام بمهامهم في مؤسساتهم الصحية، وإدراكًا لتأثير هذه الحالة على رعاية المرضى فقد تبنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية هذا البرنامج، نظراً للأثر الناجم عن ظاهرة الضحية الثانية على مقدمي الرعاية الصحية في حال حصول حدث جسيم.
مرجعية علمية مدروسة
وأوضحت الدكتورة نور المهيري مدير إدارة الصحة النفسية في المؤسسة أن برنامج "ثقة" لدعم الضحية الثانية، دخل بمرحلة التنفيذ على مستوى المستشفيات والمراكز الصحية، وسيتم تقييم أداء البرنامج وقياس فعاليته، حيث تم إطلاق البرنامج بعد الانتهاء من دراسة بحثية للوقوف على الصحة النفسية للكادر الطبي في حال وقوع حدث جسيم للمريض، بهدف وضع الخطط والبرامج المناسبة وتوفير مرجعية علمية مدروسة، من خلال الوقوف على أعراض مثل الاكتئاب والقلق والضغط والإجهاد النفسي بصورة منهجية.
من جانبه أكد الدكتور زكريا العتال مدير إدارة الجودة في المؤسسة أن برنامج "ثقة" يدعم أهداف المؤسسة في تعزيز ممارسات الجودة بمعايير عالمية، حيث تعد الصحة النفسية للكادر الصحي من المعايير الأساسية لتحقيق متطلبات الاعتماد الدولي للمنشآت الصحية، وبالتالي يتكامل البرنامج مع حزمة الإجراءات والتحسينات التي تطبقها المؤسسة، لمواصلة إنجازاتها في اعتماد وتجديد اعتماد جميع منشآت المؤسسة، لتعزيز كفاءة وجودة الخدمات الصحية.
ومن الجدير بالذكر أن مصطلح "الضحية الثانية" يُقصد به أعضاء الفريق الصحي حين يتعرضون لصدمة نفسية بسبب حدث طبي جسيم للمريض، والذي ينطوي على اضطرابات نفسية لمقدمي الرعاية الصحية تتراوح بين المتوسطة والحادة ومنها الشعور بالذنب والقلق والحزن والاكتئاب، وقد تترافق مع أعراض إدراكية مثل عدم الرضا والإرهاق والضغط النفسي، وحتى ردود فعل جسدية لها تأثير سلبي على المستوى الشخصي والمهني قد تؤدي إلى ترك المهنة وحتى الإيذاء الجسدي.